مفهوم الفقه الإسلامي
الفقه في الاصطلاح :- إن الفقه عند العرب : الفهم والعلم ، وبعد مجيء الإسلام غلب اسم الفقه على علم
الدين لسعادته وشرفه وفضله على سائر العلوم ، فإذا أطلق علماء الصدر الأول اسم ( الفقه ) فإنه ينصرف
في عرفهم إلى علم الدين دون غيره من العلوم وكان علم الدين في ذلك الوقت يتمثل في كتاب الله وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم ، ففي الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : نضّر الله امرأً سمع منا
حديثًا فحفظه حتى يبلغه ، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ورب حامل فقه ليس بفقيه وواضح من
الحديث أن مراد الرسول صلى الله عليه وسلم بالفقه المحمول هو كلامه صلوات الله عليه وسلامه .
والتأمل في الحديث السابق يدلنا على أن الفقيه هو صاحب البصيرة في
دينه الذي خلص إلى معاني النصوص ، واستطاع أن يخلص إلى الأحكام والعبر والفوائد التي تحويها النصوص
، يدلنا على هذا قوله صلى الله عليه وسلم : رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه فمراده
بقوله ( أفقه منه ) أي أقدر منه على التعرف على مراد الله وأحكامه وتشريعاته وقوله ( ليس بفقيه ) أي ليس
عنده القدرة على استخلاص الأحكام والعلم الذي تضمتنه النصوص . وقد كان الفقهاء من الصحابة والتابعين
معروفين بارزين ، قال يحيى بن سعيد الأنصاري وكان أول من أدرك صغار الصحابة وكبار التابعين :
( ما أدركت فقهاء أرضنا إلا يسلمون في كل ثنتين من النهار ) فكلمة الفقهاء كانت تُرَدَّدُ في الأحاديث وعلى
ألسنة الصحابة والتابعين وأتباع التابعين دالة على أصحاب البصيرة النافذة في دين الله الذين فهموا عن دين
الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد كانت سمات الفقهاء واضحة وعلاماتهم بارزة وقد دل الرسول صلى الله
عليه وسلم على شيء من صفاتهم في أحاديثه كقوله صلى الله عليه وسلم : طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه
وكقول أبي الدرداء رضي الله عنه : ( من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ )
وكقول ابن مسعود رضي الله عنه : ( من فقه الرجل أن يقول لما لا علم له به : الله أعلم )
وقد كان الفقه عند أهل الصدر الأول فقهًا شاملًا للدين كله ،
غير مخصص بجانب منه وقد كان الفقيه عندهم يعنى بالأصول قبل الفروع ويعنى بأعمال القلوب قبل
عمل الأبدان ،وفي ذلك يقول الحسن البصري : (إنما الفقيه المعرض عن الدنيا الراغب في الآخرة البصير
بدينه المداوم على عبادة ربه الورع الكافّ عن أعراض المسلمين العفيف عن أموالهم الناصح لجماعتهم ) .
موضوعات الفقه الإسلامي
الفقه الإسلامي نظام شامل ينظم علاقة الإنسان بخالقه والعلاقات بين الأفراد والجماعات والدول الإسلامية
بغيرها من الدول في السلم والحرب ولهذا قسمه أكثر الفقهاء إلى قسمين رئيسين :
عبادات ومعاملات وهذا التقسيم مبناه اختلاف المقصود الأصلي منهما ،
فما كان الغرض الأول منه التقرب إلى الله
وشكره وابتغاء الثواب في الآخرة فهو من قسم العبادات كالصلاة والصيام والحج والجهاد والزكاة والنذر,
وما كان المقصود منه تحقيق مصلحة دنيوية أو تنظيم علاقة فردين أو جماعتين وما شاكل ذلك فهو من
القسم الثاني ( المعاملات ) وذلك كالبيع والإجارة والزواج والطلاق وغيرها . هنالك فرق آخر بين النوعين متفرع عن الفرق السابق ، وهو أن الأصل في العبادات أن العقل لا يستطيع
إدراك السر الحقيقي لتشريعها تفصيلًا ويعبر العلماء عن ذلك بأنها توقيفية أي لا يمكن إدراك الغاية القصوى
فيها سوى أنها عبادة لله تعالى, وأما المعاملات فالأصل فيها أنها معقولة المعنى ويدرك العقل كثيرًا من أسرارها
.
وسيتم طرح خصائص الفقه الاسلامى فى الموضوع المقبل بإذن الله تعالى