الخضر والاعلام

بسبب ضعف قنوات الاتصال بين الصحافة والهيئات الكروية
تأهل ''الخضر'' للمونديال يكشف عيوب الإعلام الرياضي وتخلفه



أصبح الإعلام الرياضي، في الوقت الراهن، يشكل محورا هاما في الحياة اليومية للجزائري، سيما مع تألق المنتخب الوطني وعودته إلى المحافل الدولية. وهو ما جعل كل الجزائريين من مختلف الشرائح والفئات يتهافتون على آخر مستجدات ''الخضر'' أكثـر من أي شيء آخر. لكن في المقابل، لايزال الإعلام الرياضي الجزائري يعاني من عدة عقبات أهمها غياب قنوات الاتصال بين الاتحادية الجزائرية لكرة القدم والصحفيين، وأحيانا ممارسة التعتيم وكذا التضليل الذي يبعد الصحفي عن سرد الحقائق.

رئيسه يريد ''ترويض'' الإعلام الجزائري
موقع ''الفاف'' الرسمي يقدّم أخبارا تجاوزها الزمن

حين نعود إلى خطاب محمّد روراوة، رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، عقب رجوعه إلى ''قصر دالي إبراهيم''، خلفا للرئيس حميد حدّاج،
في ثاني عهدة له، نقف عند تأكيده بأن التعامل مع وسائل الإعلام الجزائرية سيأخذ شكلا جديدا.

كان رئيس الاتحادية يقصد من وراء ذلك أن كل الأخبار المتعلّقة بالمنتخب الوطني وبالهيئة الكروية التي يشرف عليها ستنشر تباعا وفي موعدها على الموقع الرسمي للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، ورفض حينها تفضيل عنوان على آخر أو صحفي على آخر، مضيفا بأنه لن يقدّم أية معلومة عن طريق الهاتف.
ورغم أن كلام رئيس الاتحادية حمل في طياته بوادر الاحترافية في العمل والتعامل مع وسائل الإعلام الجزائرية، ووضع حدّا للغدو والمجيء بين مقار الجرائد والاتحادية من أجل استقاء المعلومات، وأكسب رجال الإعلام وقتا ثمينا في البحث عن المعلومة الصحيحة ونشرها في وقتها، إلاّ أن تصوّر محمّد روراوة للطريقة الجديدة في نشر المعلومات كانت بعيدة كل البعد عن الواقع، ولم يستجب لما يريده الإعلاميون المطالبون بنشر كل المعلومات المتعلقة بالاتحادية ونشاطاتها وبالمنتخب الوطني بمختلف تداعيات نتائجه، سواء كانت إيجابية أو سلبية.
التجربة القصيرة في محاولة تجسيد اقتراح رئيس الاتحادية على أرض الواقع جعلتنا نكتشف مع مرور الوقت بأن انتظار ما يجود به علينا موقع الاتحادية، سيجعل كل الجرائد الجزائرية بمثابة ''الجريدة الرسمية'' التي لا تنشر سوى ما يتم اعتماده رسميا، وينشر على الموقع، بل تعدّى الأمر، أمام التنافس الإعلامي، أن يجد أي صحفي ''يتمسّك'' بالمصدر الذي اختاره محمّد روراوة لنشر الأخبار، متأخرا عن زملائه في المهنة، ممن وضعوا كلام رئيس ''الفاف'' بشأن ''ضرورة استقاء المعلومات من الموقع الرسمي للاتحادية'' وراء ظهورهم، لاقتناعهم بأن ذلك كلام للاستهلاك، وأن رئيس ''الفاف'' يسعى لترويض الإعلاميين الجزائريين، وبأن عدم التحلي بالفطنة والبحث عن مصادر معلومات ''موثوقة وذات مصداقية'' هو السلوك الصحيح لضمان احترافية إعلامية وسرعة في نشر الأخبار بكل تفاصيلها، وتفادي بذلك السقوط في فخ ''الإعلام الموجّه''.
قضية لموشية وبن يمينة
تكشف المستور
ولا يوجد دليل قاطع حول إصرار رئيس الاتحادية على ضمان ''إعلام موجّه'' ومنح الأخبار بالهاتف لصحافيين دون آخرين، بغض النظر عن المعايير التي يعتمد عليها رئيس الاتحادية في كيله بمكيالين، قضية طرد اللاّعب الدولي خالد لموشية من المنتخب الوطني خلال كأس أمم إفريقيا بأنغولا، والقائمة التي نشرت قبل موعد المنافسة القارية، على الموقع الرسمي للاتحادية. ونتذكّر جميعا بأن الموقع الرسمي للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، أكد بأن مغادرة خالد لموشية للمنتخب ''يعود لأسباب عائلية''، رغم أن كل الصحفيين الجزائريين الذين تنقّلوا إلى أنغولا أكدوا عكس ذلك، وكشفوا بأن لموشية غادر ''الخضر'' مطرودا بسبب مناوشات حدثت بينه وبين المدرّب الوطني. وبعد مرور أسابيع وانتهاء المنافسة القارية، جاء تصريح رئيس الاتحادية في ندوة صحفية، ليفنّد ما ورد في الموقع الرسمي بشأن قضية لموشية، وقال بأن ملف اللاّعب قد طوي نهائيا لأسباب انضباطية. ولم ينس الإعلام الرياضي الجزائري نشر اسم مهاجم اتحاد برلين الألماني، كريم بن يمينة، قبل موعد كأس أمم إفريقيا، ضمن اللاّعبين الاحتياطيين لـ''الخضر''، وقد ورد اسم بن يمينة لنحو نصف ساعة تقريبا على الموقع الرسمي لـ''الفاف'' قبل أن يشطب دون تقديم تفسيرات ''رسمية''. وتداولت أخبار مفادها أن نشر اسم بن يمينة تم ''خطأ''، غير أن مصادر أخرى أكدت أن رئيس ''الفاف'' هو الذي أمر بشطب اسم بن يمينة، ما يفتح المجال واسعا للتأويلات عن الشخص الذي يتولى الإشراف عن الجانب التقني للمنتخب الوطني.
مباراة الأوروغواي على موقع ''الفيفا'' وليس ''الفاف''
والغريب أيضا أن الموقع الرسمي للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، لا ينشر كل المعلومات التي تتعلق بالمنتخب، حتى ولو كانت معلومات بسيطة، وإذا نشرت فإن ذلك يكون متأخرا. ونتذكّر جميعا بأن الموقع الرسمي للاتحادية الدولية لكرة القدم نشرت في وقت سابق بأن المنتخب الجزائري سيواجه منتخب الأوروغواي وديا بملعب 5 جويلية الأولمبي، وهي معلومة لم نجد لها أثـرا وقتها على موقع ''الفاف''، بل إن رئيس الاتحادية، وفي اتصال هاتفي معه، نفى وجود أية مباراة أمام الأوروغواي، وعلّق بتهكّم على المعلومة، ليتبين بعد ذلك بأن الخبر حقيقي وموقع ''الفاف'' آخر من يعلم.
وقياسا بكل القضايا العالقة بشأن المنتخب الوطني ولاعبيه، على غرار قضية شاوشي وبلحاج، وتنقّل رئيس الفاف إلى زوريخ بخصوص أحداث القاهرة، والحديث عن إمكانية استنفاد شاوشي لعقوبته مع المحليين، وقائمة الثلاثين لاعبا للمحليين التي تم إرسالها إلى ''الكاف'' دون اسم فوزي شاوشي، والآراء المتضاربة بين المدرّب الوطني عبد الحق بن شيخة الذي قال الحقيقة عن حسن نية ''حسب معلوماتي فإن شاوشي غير موجود في قائمة الثلاثين لاعبا التي أرسلت للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، وما تبعه من ''ثورة'' رئيس ''الفاف'' الذي أراد أن يقنع ''الكاف'' بضرورة إدراج اسم الحارس شاوشي في القائمة المذكورة، فإن القول بأن الخيار السليم هو انتظار أخبار الموقع الرسمي للاتحادية يضرب مصداقية الإعلام الرياضي الجزائري في الصميم، حيث سنتجه نحو تعتيم إعلامي، طالما أن رئيس الاتحادية لم يكن واضحا في كل ما يتعلق بـ''الخضر'' وبالهيئة التي يشرف عليها، خلافا لما يحصل مع رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم سمير زاهر الذي يواجه كل يوم الإعلام المصري ويقدم دوما كل الأخبار التي تخص ''الفراعنة''.
وللإشارة فقط، فإن القضاء الإنجليزي هو الذي أمر قبل أسابيع بنشر ''فضيحة'' قائد منتخب إنجلترا جون تيري ''حتى يعلم الإنجليز حقيقة قائد منتخبهم''، الذي تم تجريده من شارة القائد، دون أن تسعى الاتحادية لإخفاء الحقائق.